هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
ابداء من جديد--Show again--Remontrer
علمتني الحياة … ان لكل بداية نهاية … و بعد كل نهاية هناك بداية جديدة. لا يفصل بينهما الا لحظة . و بتلك اللحظة لا بد لنا من الانهيار الى حطام فالعدم … الى لا شيء. ...
السلام عليكم ورحمة الله اهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى،كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا اذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.
موضوع: الشفقة والرأفة والرحمة الإثنين 17 يونيو - 12:23
وُصِف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم بأنه رءوف رحيم، والرأفة والشفقة متقاربتان فى المؤدى. فقد كان صلى الله تعالى عليه وسلم يكثر من الحث على الرحمة، فقال بعض أصحابه: "يا رسول الله أكثرت من ذكر الرحمة ونحن نرحم أزواجنا وذرياتنا. قال صلى الله تعالى عليه وسلم "ما هذا أريد، إنما أريد الرحمة بالكافة". والشفقة وأختها الرأفة تكون فى النواحى الخاصة، والنبى عليه الصلاة والسلام كان فيه الرحمة بالكافة، وكان فيه الرأفة الخاصة ما لم تتعارض مع الرحمة بالكافة، وذلك يكون فى الرأفة بالآثمين الظالمين الذين يرتكبون ما يوجب حدا من حدود الله ولذلك يقول سبحانه وتعالى: ]الزَّانِيَةُوَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّوَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍوَلاَتَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِوَالْيَوْمِ الآخِرِوَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المُؤْمِنِينَ[ سورة النور. وإن شفقته الشخصية على المتصلين به لتبدو فى معاملته لأهله من أزواج وأقارب سواء أكانوا أقربين أم كانوا غير ذلك ممن لهم رحم موصولة. وإن شفقته الأبوية التى لا تتعارض مع الواجب، أو لا يعارضها واجب من العدالة ، والتسوية بين الناس لتبدو فى شفقته، على ابن زينب، وهو يحتضر، فقد أرسلت إلى أبيها نبى هذه الأمة، ولكن الرجل الشفيق خشى من ضعف الشفقة أن يرى حفيده يحتضر، فأرسل إليها عليه الصلاة والسلام يقول لها: "إن لله ما أخذ وما أعطى، وكل شيء عنده مسمى، فلنحتسب لنعتبر" ولكنها تصر على أن يحضر، وتقسم عليه، فقام إليها النبى، وقام معه من بحضرته من صحابته، فوضعه عليه الصلاة والسلام فى حجره: ونفسه تخرج، ففاضت عين محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام فقال له سعد بن أبى وقاص: "ما هذا يا رسول الله، قال الرسول: هذه رحمة وضعها الله فى قلوب من شاء من عباده، ولا يرحم الله من عباده إلا الرحماء". ولقد كانت الشفقة مع القيام بالواجب، تتجلى فى موت ولده إبراهيم الذى وهبه الله تعالى على الكبر، ثم استرد الوديعة، فما رؤى رسول الله عليه الصلاة والسلام فى حزن الأبوة، كما رؤى فة وفاة إبراهيم، إذ بكى من عبء ما أصيب به كان ثقيلا، ولما رأى أسامة بن زيد محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم يبكى صرخ، فنهاه صلى الله تعالى عليه وسلم وقال له يا أسامة: البكاء من الرحمن، والصراخ من الشيطان".ولقد كان وهو يبكى يقول:" الموت حق .وإن القلب ليحزن،والعين لتدمع، وإنا لفراقك ياإبراهيم لمحزونون"وفى هذا اليوم كسفت الشمس،فقال المحبون،إن الشمس كسفت لإبراهيم ،ولكن نبى العقيدة الصحيحة البعيدة عن الأوهام ،نسى حزنه،أو غلب واجبه على حزنه، كما هو شأنه دائما، فوقف خطيبا، وقال صلوات الله وسلامه عليه."إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تكسفان لموت أحد ،ولا لحياة أحد" وأم الناس ،وصلى بهم صلاة الكسوف. وهكذا كان محمد بن عبد الله صلى الله تعالى عليه وسلم الشفيق الرفيق الودود المحب دائما، ولكن عاطفته الإنسانية لا تتغلب على واجبه، بل الواجب أولى، وأحرى بأن يؤثره على غيره. وإن شفقته تعم، فتكون رحمة، لا تختص بالآحاد، بل أحيانا يغضب ولا يغضب إلا للحق، ولكن قلبه التقى الخالى من كل سوء بالناس، تغلب عليه الرحمة العامة دائما، فيقول فى ضراعة لربه الرحيم: "اللهم إنى بشر من البشر، أغضب كما يغضب البشر، فأيما رجل دعوت عليه، فاجعل ذلك له زكاة ورحمة، وصلاة وطهورا، وقربة تقربه إليك، يوم القيامة". وإن مظاهر حياته كلها شفقة، فامرأة فى عقلها شيء يقف معها فى جانب من الطريق يستمع إلى حاجتها، ويلقى فى قلبها الطمأنينة. وجارية يضيع منها ثمن دقيق، فيدفعه لها، وتبكى خشية أن يضربها مالكوها، فيسير معها إليهم ليمنعهم من ضربها، وأحد السبطين يركب على ظهره، وهو ساجد، فيطيل السجود، حتى لا يزعجه، ويستمر مرتحلا ظهر جده الرءوف الرحيم، حتى يتركه. وكان يسمع بكاء الطفل وهو يصلى فيخفف فى صلاته، ليكون بجوار الطفل من يرحم بكاءه، وهكذا. وقد يقول قائل: إن شفقة النبى عليه الصلاة والسلام أمر ثابت، وهل لهذه الشفقة صلة بالرسالة، وولايته لأمر المؤمنين. إن شفقة المسيح عليه السلام كانت لروحانيته، وأنه لم يكن منشئ دولة. ونقول فى الإجابة عن ذلك: إن عيسى عليه السلام كان صاحب رسالة، وكان من مقتضى هذه الرسالة أن يكون بالذين يدعوهم رءوفا، فالشفقة من مقتضيات الرسالة والدعوة فإن الدعوة من الشفيق الرفيق تكون مستجابة من القلوب الطيبة المؤمنة المطمئنة؟ إن الرحمة هى التى تجذب الناس إلى الداعى، وليست القسوة، إن النفوس التى تدعى إلى الحق منها ما يفتح الله قلبه للحق بقوة إيمان الداعى وشفقته. وإن من مقتضى الولاية الشفقة، ولقد دعا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الولاة إلى الرفق بالرعية، ودعا لهم إن رفقوا بها، وأشفقوا ولم يرمضوهم بقسوة أو ظلم أو استكراه، أو إضعاف للنفوس، ولقد قال عليه الصلاة والسلام فى ذلك :"اللهم من ولى من أمر أمتى شيئا فرفق بهم، فارفق به، ومن ولى من أمر أمتى شيئا فشق عليهم فاشقق عليه". ولقد أدرك هذا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه بهدى النبى صلى الله تعالى عليه وسلم واتخاذه له قدوة فكان لا يولى إلا من يشعر منه بأنه يكون فى ولايته شفيقا رحيما إلا إذا وجب حد ،فإنه لا شفقة ،والرحمة بالكافة تقتضى إقامته. ولقد دخل على عمر رضى الله عنه رجل، وكان عمر قد اعتزم أن يوليه ولاية، فرأى عمر يقبل بعض ولده، فقال الرجل أو تقبل ولدك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، وأنت ألا تقبل ولدك؟ قال لا، فقال الفاروق: وأنا لا أوليك، من لم يرحم ولده لا يرحم رعيته.